5 مارس 2015
مود ماندل:
عادة ما نحب التوضيحات البسيطة للأشياء التي تبدو معقدة للغاية. لذا، لماذا لا يتعايش المسلمون واليهود في فرنسا مع بعضهم البعض؟ بسبب الشرق الأوسط، فهم مقدر لهم أن يكرهوا بعضهم البعض. وحتى لو كان هذا صحيحًا، يمكنهم أن يقولوا إن جميع يهود فرنسا بجانب إسرائيل في كل الأمور وأن جميع مسلمي فرنسا هم مؤيدون للفلسطينيين، وهو أمر بالمناسبة أعتقد أنه تمت المبالغة في حقيقته بشكل كبير، ولكن حتي إن استطعت القول أن ذلك كان صحيحًا، فسيكون من الصعب عليك شرح كثير مما يحدث خلال ذلك. لأنه في النهاية، ستجد أن الناس أكثر من أن يكونوا رسومًا كاريكاتيرية ذات بعد واحد.
أليسا فيشمان:
تُعد مود ماندل أستاذة التاريخ والدراسات اليهودية، وكذلك عميدة الكلية في جامعة براون. وققد كتبت كتابًا بعنوان المسلمون واليهود في فرنسا: تاريخ من النزاع، وفيه عرضت بعض السياقات لما حدث في يناير 2015 من إطلاق للنيران في باريس، عند مكاتب المجلات الساخرة شارلي إبدو وعند سوبر ماركت كوشير.
مرحبًا بكم في "آراء حول معاداة السامية"، وهي حلقات لنشرة صوتية يتم بثها عبر الإنترنت، مأخوذة من المتحف التذكاري للهولوكوست في الولايات المتحدة، والتي خرجت إلى النور بفضل الدعم السخي المقدم من "مؤسسة أوليفر وإليزابيث ستانتون". معكم أليسا فيشمان. إننا نقوم بدعوة ضيف شهريًا للتحدث حول العديد من الطرق التي تؤثر بها معاداة السامية والكراهية على عالمنا اليوم. ونستضيف اليوم مود ماندل، من مكتبها في جامعة براون.
مود ماندل:
هناك تاريخ طويل للعنصرية في أوروبا. ومن الواضح أن أحد عناصرها الهامة هو النزعة المعادية للسامية والذي يرجع تاريخها لزمن بعيد جدًا في التاريخ الأوروبي، والذي يعلمه الكثير من الناس في هذه الأيام جيدًا. أعتقد أن الناس في بعض الأحيان يكونوا أقل وعيًا بالتاريخ الطويل لما يسميه البعض الإسلاموفوبيا، والذي يرجع تاريخه إلى مدى بعيد أيضًا في التاريخ الأوروبي. عادة، كانت تتم دراسة هذه الأشكال من العنصرية كظاهرة منفصلة، ولكن في السنوات الأخيرة بدأنا في التفكير في أنها لا تنبع فقط من أنواع متشابهة في المصادر، ولكنها أيضًا لها تأثير مباشر على بعضهما البعض. فدراسة معاداة السامية دون التفكير في الإسلاموفوبيا، يشوه وجهة نظرنا أو تصورنا لما يحدث. ولذلك، على سبيل المثال، بعد الهجمات التي تعرضت لها مجلة شارلي إبدو ومتجر بقالة كوشير في فرنسا، ارتفعت نسبة الإسلاموفوبيا في فرنسا، لذلك كان هناك زيادة في الهجمات على المساجد والكتابات المناهضة على الجدران وأعمال العنف. وكانت هناك أيضًا أحداث معادية للسامية في ألمانيا. ولذلك، فقد أصبحت هذه الأمور انتقالية، ولكن لها أيضًا تأثير على بعضها البعض، كما أنها متشابكة.
لا يعتبر النزاع بين المسلمين واليهود جديدًا على فرنسا، ولكن في الحقيقة تم تلفيق الكثير من هذه العلاقات في مستعمرة في شمال إفريقيا. عندما أنهت فرنسا استعمارها، خصوصًا في الجزائر، اندمج كل من سافر إليها من سكان الجزائر اليهود، والذين لديهم جنسية فرنسية، بدون صعوبة ولكنهم ما زالوا مواطنين فرنسيين، لذلك أُتيحت لهم جميع فرص الوصول إلى الموارد والدعم الذي قد يحصل عليه المواطنون. وعلى النقيض من ذلك، فقد اندمج المسلمون على أنهم مهاجرون. لذلك، ما لدينا هنا بشكل أساسي...هو نوعان من السكان الجزائريين المحليين، اليهود والمسلمون، أحدهما تم قبوله كمواطن أوروبي، والآخر لم يتم قبوله كذلك. وفي الواقع هذه هي الظروف التي شكلت العلاقة بينهم في فرنسا، لأنه غالبًا يعيش كلاً منهم في الحي السكني نفسه، حيث يعيشون عادة في شكل اجتماعي هادئ، ويتمتعون بعلاقات جيدة مع جيرانهم. بعد كل ذلك، فإنهم غالبًا ما يتشاركون في أشياء كثيرة أكثر مما يختلفون. ولكن عندما تتحدث عن نوعين مختلفين من المسارات الاجتماعية والاقتصادية، ستجد أن فرص التواصل والترابط تتضاءل. ولذلك، فقد تم دمج عدم المساواة الهيكلية في الأمر. ثم تنتهي تعقيدات الخلافات حول الشرق الأوسط إلى بعض من تلك الأمور، ويمكن أن تصبح الأمور أكثر سخونة بمرور الوقت.
لا أقصد أن أقول إن هناك نوعًا من التركيز الشديد على هذه المشكلات عندما نتحدث عن الانقسامات المعاصرة بين اليهود والمسلمين، ولكن ما أقوله هو، أن طريقة عدم المساواة ستؤثر في كيفية رؤية الناس لبعضهم البعض ثم بعد ذلك ستشكل الخيارات التي سيقومون بها في المستقبل.
أعتقد في بعض الأحيان أن الإعلام يختصر قصة المسلمين واليهود في قصة الاستقطاب—لجماعتين من السكان المتجانسين الذين يتشاحنون ضد بعضهم البعض—تلك القصة التي افتقرت إلى التنوع الموجود في كل جماعة وتعقيدات العلاقات الإنسانية عبر ذلك الانقسام.
وعندما نتحدث اليوم عن الصراع بين المسلمين واليهود، فإننا نختزل الأمور. ولكن بالطبع، ليس معظم المسلمين ومعظم اليهود في فرنسا في صراع مع بعضهم البعض. وبالطبع، هناك مثال على ذلك في الهجوم الذي وقع على متجر كوشير أيضًا، حيث كان البطل العظيم للقصة هو العامل المسلم الذي كان يعمل في المتجر والذي خبأ بعض الزبائن اليهود وأنقذ حياتهم. لذلك فنحن بحاجة إلى تذكر تلك القصص أيضًا، أو قصة رجل الشرطة المسلم الذي قُتل وهو يدافع عن مجلة شارلي إبدو، كفرد من أفراد الشرطة الفرنسية. أما الذين نفذوا الهجمات المروعة في قضية شارلي إبدو وكذلك الهجمات على متجر كوشير للجزارة فهم جزء من منظمة إرهابية عالمية، والتي ظهرت لأسباب خاصة جدًا في الآونة الأخيرة. وأعتقد حقًا أن الحديث عن هذه الموضوعات مفقود أحيانًا في حواراتنا الإعلامية.
لقد وقعت أعمال شغب في حي بيلفيل، في فرنسا، في عام 1968. وكان بيلفيل يُعد حيًا مختلطًا ممتلئًا بالمهاجرين ، حيث كان يعيش فيه عدد كبير من المسلمين الجزائريين المهاجرين والمهاجرين التونسيين اليهود بالقرب من بعضهما البعض. وكانت هناك أعمال شغب—لأسباب كثيرة جدًا—والتي وُصفت في الصحافة بقدوم الشرق الأوسط إلى فرنسا. ولكن ما كان مثيرًا للاهتمام حقًا أنك إذا نظرت في تفاصيل أعمال الشغب، فستكتشف أن تلك الأعمال اندلعت بسبب لعبة الورق، حيث كان هناك بعض المسلمين واليهود يلعبون الورق مع بعضهم البعض في مقهى ودخلوا في عراك بسبب النتيجة. وهو ما أدى لما حدث—أعني أن هناك صراعًا بين الأعراق المختلفة، ولا أقصد أن أتغاضى عن هذا الجزء من القصة—ولكن ما افتقدت إليه التغطية الإعلامية بشكل كامل أنه كان هناك مجموعة من الأشخاص يلعبون الورق معًا، والذي من المفترض أن يكون على الأقل بصورة ودية، أليس كذلك؟ ولمحو تلك القصة، أصبح ممثلو الصراع رواتها حتى بدأ الناس في تصديق أنفسهم. وبدأوا يفكرون ويقولون، "حسنًا، لا بد أن تكون هذه هي القصة الحقيقية." وكيف انتهى بنا تركيزنا على الصراع إلى اختلاق صراع آخر؟